هـكـذا الـوفـآء
على صوت زقزقةُ العصآفيرْ أستيقظت مِن نومِهَا ورفعتْ
تِلكَ الستآئِرُ البيضآء ْ عن النافذة ْ.
وأقتربتْ مِنْ زوجِها , لِتوقظهُ وبِكُل ْ لُطفْ سقطت تِلك َ
الحرائر ْ النآعمة ُ لِتُلامس وجنتينِ زوجِها فأبتسم َ إبتسامة ٌ
تُعبِرُ عن حُبهِ لها .
كم هو صباح ٌ جميل في ناظِرِ هذين ِ الزوجان ِ العآشقين
خرج َ مثل َ عآدته ْ , ليجمع قوت َ يومه ِ وإمرأته ُ تُعد الطعام ومضى الوقت ُ والزوجة ُ الحبيبة ُ تنتظِرُ زوجها
وتَعِدُ الدقائِق ُ والثوان ِ متي يعود ُ الحبيبُ لترتمي في
أحضانه ِ ليُداعِبُها مِثْلما عودَها .
ولكن قَطَعَ حَبْل ُأَفكارُها صوتُ رَنِيْنُ الهَاتِفِ لتَتَفاجأ بِأنَ
زوجَها نُقِلَ إلى المشفى لِأَنَهُ يُعآني مِن ْ ألما ً في إِحْدى
كِليَتَيهِ , لَقَدْ فُجِعتْ بالخبر ْ أسرعت للمشفى ولم تَكتَرثْ
لشيءٍ سِوى أَن ْ تَرى زَوجَهَا وَما الذي حَلَ بِهِ .
ذَهَبْت إلى الطَبِيْبُ مُسرِعَةً لِتَسْأَلُهُ عَن ْ حالَتِهِ
فَأَجابَهَا : أنا مُتَأَسِفٌ جِداً وَلَكِن ْ زَوجُكِ حَالتُهُ حَرِجةٌ جِداً
وَيَجِبُ أن ْ نُجري لَهُ عَمَليَةٌ بِأنْ نَجِدُ مُتَبَرِعٌ لَهُ بِكِليَةٌ
ما إِن سَمِعتْ ماقَالَهُ الطَبِيبُ حَتْى خَارَتُ قُوآها , ولكِنْها دوون إِدراكْ لِخُطورة ِ الأمر ْ طَلَبْت مِن ْ الطَبِيبُ أًن ْ
تَتَبْرعُ بِكِليَتِهَا لِزْوَجِهَا حَاولْ الطَبِيبُ بِأَنْ تَتَمْهل وَتَبْحَثُ عَنْ مُتَبَرِعٍ وَلكِنَها مُصَمِمَةٌ عَلى رأَيِها وَكَيْف لا تَتَبَرعُ
وَهي تُفْدِيهِ بِروحِها إِنهُما عآشقين لن ولن يتَكررا
حانت ْ اللحظة ُ التي أُدخِل َ الزَوجانِ إلى غُرفة ِ العمليات , لِتبدأ مرحَلة ٌ جديدة ٌ مِن قِصَة ٌ هاذين ِ
الزوجان ِ الوفيان .
هو : يَطلِبُ مِنها أَن ْ تَتَراجع عَن ْ هذا الأمر ويَتَوسلُها والدمُوعْ تَنهَمِرُ مِنْ عَيْناه وَيُردِدُ قائِلاً أُفَضِلُ المَوتُ على أَن تَعيشين َ مُتعَبة ٌ تُصَارِعِين َ الأَلَم ُ .
وهي : تَضَعُ إِصْبَعَها عَلى فَمِهِ لِيَكُفَ عَنْ هَذا الحَديثُ الذي لَن ْ يَغَيرُ قَرَارَهَا وَتَمسَحُ دُموعَهُ المُنْهَمِرَةُ عَلى خَدِهِ .
لَم تَعُد هُناك سِوى نَظَرات ُ الحُبِ الطَاهِرُ النقي
والطَبيِبُ يسألهُما هَل ْ هُما مُستَعِدانِ لإِجرَاءِ العَمَلِيَة ِ
هو : يَضَعُ يَدَيهِ في يد زَوجَتِهِ ومَعشوقَتِهِ ويَهمِسُ بِصوتٍ شاحبٍ بِأَنَه ُ يُحِبُها حُبا ً جَماا
هي : تَبْتَسِم ُ رُغم َ الخَوفِ وتُبادِلَهُ عِبارات ِ الحُب ِ والإِحترام .
وأُجريت العَمَلِيَة ُ وَلَكِن حَالة ُ الزَوجة ُ أَصبَحَتْ حَرِجَة ً للغاية , خَرَجَ الزَوجان ِ مِن ْ المشفى وَلكن الأمور أصبَحَتْ أَصعَبْ الآن بِكَثير كِلآهُما يتَألمان
هو يتَأَلم ُ لِأَلَمِهَا وهي تَتَأَلَم ُلِخَوفِهَا مِن ْ فُراق زَوجِها
كُلاً مِنهُما يَعِيشُ حالة ِ رُعُبٍ , ولكن قدر َ الله ُ ما شاءَ فَعَلْ
ذَاتَ لَيلَة ٍ هادِئَة ٍ رَمَت ْ الزَوجة ُ نَفسها وألآمِهَا في حُضنِ زوجِها ويَتَسامران ِ الحديث أَحَست بإنَه ُ حَان َ وَقت ُ الرَحيل لِتَترُك زوجَهَا وحيدا ً طلبت ْ مِنه ُ بِأَن ْ تُغْمِضَ عَيْنَاها لِيروي لها قِصَة ً مِثلما أعتادت فأَغمَضت عيناها وفي نِهاية القِصَة ِ سَقَطَت ْ دَمعَة ٌ طَاهِرَة ٌ مِنْ عيناها إنها الدَمعة ُ الأخيرة , إنها دَمعة ُ الودآآع
أَخَذَ الزَوج ُ يُحَرِكُ ذِراعيها يوقِظُها بِكَلِماتِهِ الحَنونة ِ
حبيبتي زوجتي أستيقظي أرجوك ِ لا تَترُكيني في هذهِ
الدُنيا وحيدا ً إني أعَشَقُكِ صَرخَات ُ الزوج ملئت المكان وأحتضن َ زوجَتِه ِ بِقوة ٍ يُقَبِلُهَا ولَكِنْ هذا القدر
بَعد َ ثَلاثِ ليالٍ مِن وفاة ِ زوجَتِهِ لم يستَطِيع أن يَتَحَملُ فِراقُ محبُوبَتِهِ نعم مات , مات على ذاك َ السرير الذي توفيت عَلَيه ِ محبوبَتِه , مَات َ وهو يستَنشِقُ رائِحَة ُ عِطرُها
زوجان أحبا بَعضَهُما حُبا ً صادِقاً وفيا ً هي ضحت لأجلهِ لكي يَعيش .
وهو لم يَستَطيع أن يَعيش دون تِلكَ الروح .
أعلم ُ أَن َ الوفاء في هذهِ الدُنيا لَيسَ كَوفاء هذهِ القصة
ولكنني على يقين بإنَ هُنآك قُلوب مازالت تَنْبِضُ بِالوفاء .