أبـــي..أكرهــك.!!
أبـي كلمـة صغيـرة..في نطقهـا،كتابتهـا..تحمــل بين طيـاتهـا معانِ كثيــرة..وكلمــات ومشـاعر قد نجهلهـا أحيـاناً
ولكنهــا ليست مجرد كلمة..فالأب هو الإنسـان الذي يُحبـكـ ويحترمُــكـ ويقدّركـ..هـو الإنـسان الذي يضحـي من أجلكـ
بجـلّ مايملكـ..فقـط لأجلــكـ ..فقدتُ ذاكـ الشعور ..كـان أبـي موجوداً طـوال الوقــت ولكن لـم يصلني منه ذرة حنـان
أو عطـف..أبكــي وتدمـع عيوني عندمـا أرى صديقاتي يتحدثـن عن أبائهن..وماذا يفعلـون من أجلهـن.؟؟كنتُ أتمنـى أن تكون لي أخت أخرى
لأرى كيـف سيعاملهـا أبـي.؟مثلــي.؟أو معاملـة أحسـن.؟
كثيـراً ما أفكر أننـي لستُ إبـنـتـه..وأفكـار كثيرة تستحوذنــي..ولكـنني أدركـ بعـد ذلكـ أنها مجرد أوهـام
قـد تخطـر ببـالي..أمــي كانت لا تقصـر معي بشئ تمنحي كلّ ما أحتاج إليـه.وتغـدق علي بعطفهـا اللآنهـائي فقـط..
لتعوّضنـــي عن أبي ...
في ذاكـ اليـوم كانَ آخـر يوم في المدرسـة..كنت أمشـي مع صديقتـي المقربـة -خلـود- فتـاة طمـوحة تريدُ تحقيق المزيد
من التفـوّق في حياتها ..ولكن أغلب محاولاتها باءت بالفشـل..تعتبرنـي مثلهـا الأعلـى في الحيـاة..!
خلـود:أنتي جد مجنونـه..فزتي بالمركـز الأول ومافـي حتى إبتسامـه على وجهـكـ.؟!!
أنــا بسخريـه:وليـش أبتسـم..كل سنـة أحقق المركـز الأول ومايصير شــئ..!
خلـود: تعرفيـن لو فـزت الأولى مثلـكـ..أبوي بيأخذنـي للقمــر
أنــا بابتسـامه:ههههه ياحلوكـ..أنا مابيسوي شـئ..يمكن حتى مايبتســم
وصلــتُ للمنـزل وكانت أمي تترقبني وتنـتظرني بفارغ الصبــر..ولكن كنتُ مثل كل يـوم لم يتغير في شئ
أمــي:ها يابنتي وش صـار.؟!
أنــا: الأولــى (ضمتني أمي والدمعــه في عينيها )
أمـي والدموع تنهـمر منها كشلال :مبــرووكـ يابنتـي..الله يحفظـكـ (كانت سعيـدة وكأنني أحصـلُ عليهِ للمـرة الأولـى)
صعـدتُ لغرفـتي لأبـدل ملابسي..وعدتُ لأخبـر أبـي بنـتـيجـتي التي حققتهـا..لم أكن أريدُ فعلَ ذلكـ..ولكن إصرار أمي دفعني..
أنا متأكده إنه لايعرف حتى في أي صـف أنـا..حقـاً أنـا أكرهه وخاصة عندما يصرخ في وجـهِ أمي أو أحد أخوتي .
دخلـتُ عليهِ وسلّمــت وجلستُ جنبـهُ:المركـز الأول..
نطقهـا حتى بدون إبتسـامه:والنسبـه.؟!
أنــا:99%
أبـي:تقدريـن تحققين أكثر من هـذا..يعني لو في طالبـه جابت 100% ماكنتي فزتــي الأولـى ..أجتهـدي أكثر
وجدّي ..مافي شئ يجي بسهـولـه..إذا كان عندك هدف بتحققيـنه..وأنــا أثـق فيك ومتأكد تقدرين تحققين أعلى من هذي.
أنــا: إن شاء الله..عن إذنـكـ (لم يؤثر كلامه في..فأنا تعودتُ على كلامه المعتاد فاجأني صوتهُ.. ينــادي بإسمــي..)
أنــا بهدوء تـام:نعم ..
أبــي:سكري الباب وراكـ
آه كم أكرهـكـ..ماهـذا.؟!..أحقـاً يملكـ قلباَ..لا أعتقـد!..خلتهــا حجـارة تضخّ الدم..
خرجتُ مسرعـةَ لأضم صديقتي الوحيـدة الوسـاده التي لطالما ضمّت دموعـي..
أتت الإجـازه وكانت أيامها مملــة..لم نسافر أو نذهب لأي مكـان..لأن أبـي لاستطيـع مغادرة عملهِ المهم..يالهُ مِنْ عمـل.!
عدُنـا للمدرسـه..وطبعـاً حديثـي أنـا وخلود تصفُ لي سعادتهـا وأيـن ذهبتْ وماذا فعلتْ.
خلـود:ها وأنتي ..وش سويتي بالإجـازه.؟!
أنــا:ولاشـئ بالبيــت..
خلــود:ههههه..الله يعينكـم.
وبعدَ مرور إسبـوع كنت سعيـدة في ذاكَـ اليوم لأن المعلمـه سألت سـؤال لم يستطـع أحد الإجـابة عنه سـواي ..في تلـكـ الفتـرة نزلَ مستواي
الدراسـي كثيـراً..لم أعـرف السبب الحقيقي..ولكـن لايوجـد غيرهُ كرهـي الشديد لأبـي. في ذاكـ اليوم كانت السعادة تغمرني
ولكـن لـم أعلـم أن في البيت قنبلـه تنتظرنـي.! صعدتُ إلي غرفـتي..فوجـئت عندمـا أتت أمـي لتخبرني أن أبي يريدني
فاجأني هذا الشعـور..لم يطلب أبـي مقابلتي من قبـل ..لِـمَ الآن.؟؟! ذهبتُ إليـه مسرعـه
أبــي:جلسـي يابنتـي.أسمعيني لنهـايـة ولتقاطعينـي
أنـا:إن شاء الله (بدأت أصابعي ترجفُ وأنـا أتحرّق شوقـاً لأعـرفَ مايريدُ منـي)
أبـي:يابنتي في واحد متقـدّم لـك.ولد طيـب ومن أسره محترمـة..ولهم مكانتهم الخاصـة..قبل فتـرة أبـوه كلمنـي
وأنــا سألت عليه مو ناقصـه شئ..يابنتـي فكـري بالموضوع ولاتستعجليـن..لاتقوليـن لسى صغيـره..وترا عمتكـ أم وليـد تبيك لولدهــا وأنــا ما أبـي أزوجـك أحد من أهلي..
خرجــتُ وأنـا أبكـي دمـاً..وسادتـي لـم تجفُّ بعد من بكائـي الأخيـر..جئتُ لأملئهـا بالمزيـد..تريدُ التخلصّ مني يا أبـي..
تعرفُ أنني أريدُ أن أكملَ دراستي..
لِـمَ تفعـل ذلك.؟؟ لِـمَ تكرهنـي.؟لِـمَ لستَ كبقيـة الآبـاء.يحبون بناتهـم.؟؟!..أكرهـك ..أكرهــك
أنتَ تجبرنـي على كرهـك.. هكذا وبهذه السرعـه تريدُ التخلّص منـي.. في ذاك اليوم لم أرى سوى ظلاماً يحيط بغرفتي
أتت لـي أمي وحدّثتنـي عن الشـاب..الـذي يمدحُ فيـهِ الجميـع
أتـى اليوم الـذي سأخبر فيه أبي بقراري الأخيـر ..ذهبـتُ مترددة على غرفتـه..وقفت على أعتـاب بابـه..كنت خائفة لا أريـد أن أخبره
بقـراري..كنت خائفـه أن يصـرخ في وجهـي..
أنــا:أبـي أنــ...أنـا مو موافقـه
أبـي بعصبيـه:ليـــش.؟!
أنــا:ودي أكمــل دراستـي..
أبـي:أسمعيني يابنتـي..هو لسى ماخلّص دراستـه..يعني بتخلصين الثانويـة وبعدين بتتزوجيـن..وجامعتـك تخلصينها وأنتي متزوجـه
يابنــتي الولد ماينعـاب.وماودي أرفضـه..بعدين أنتي لسى صغيـره ماتعرفيـن مصلحتكـ..وإذا رفضتـه لاتنسيـن وليـد..
(وأكمل حديثـه بنيرة واثقـه كأنـهُ يجبرني ع الموافقـه):أنــا وافقـت وأنتي كمان لازم توافقـين ..
أنــا بصوت مرعـوب:أنا موافقـه...عدت لغرفتي لأكمـل نوبـة بكائـي ..إذا كنتَ تعرف أنني صغيـره ولأعـرف مصلحتي ..
لِــمَ أجبرتنـي على الزواج..لِـمَ فعلتَ ذلـكـ..
بعد مرور إسبـوع مرضتُ بالحمّى تلتهــا الإنفلونزا تعبتُ كثيـراً ..أصبحـتُ طريحـة الفراش
أتـى لزيارتـي جميـعُ أقاربـي..ماعـدا عمـــتي أمّ وليـد ..عندها عرفتُ أحد أكبر أسباب أبي على إجباري بالزواج ..
وأيضـاً أتـى خطيبي وعائلتـه للإطمئنــان علـي ..ولكنــني لازلت أكره أبـي..وأنــا غارقـة في أفكـاري سمعتُ أحـد يحاول فتح باب غرفتـي
أنــا:نعـم.؟
دخـلَ الخالي الرجـل الحكيـم الذي أحبـه..واعتبره أبي الثانـي..تصرفاته توحي لـي بإنه يحبني أكثر من أبي ..كـم أتمنى يومـاً أن يكون أبـي.!
جاء إلى سريري وضمّنـي بعدها سألني:كيف بنتــي اليوم.؟
بصوتي المبحـوح وأثر الإنفلونـزا على أنفي:الحمـدلله
خالـي:ليش زعـلانه.؟يابنتــي.؟! (كـان يفهمني دون أن أنطقَ بكلمـه عكس أبـي تمـاماً)
أكمـل حديثـه معي قائـلاً: أنـا سعيـد عشانكـ..أبوك عرف يربيكـ عـدل..مابتلاقين أحسـن منّـه ..أدري إنك دحين مشوشـه
بس أبوكـ أكثر شخص يحبـكـ ويخاف عليـكـ ودائمـاً يبغـى مصلحتكـ..ويبغاكـ تكوني أحسن البنــات
أستغربت لما سمعتك إنخطبتي..ومن ميـن من أحسن الأولاد..لو أبوك غلط شوي بتربيتــكـ..ماكانوا جو يخطبونـكـ كانوا راحو لبنـات
عمتـك إلي أكبر منكـ.وليـش عمتكـ تبيكـ أنتي بالذات..عشانكـ أحسن بنت بالعيلـه..لاتنسـي إنك أصغر بنت بالعيلـه و إنخطبتي
وكمـان ينتظركـ لين تخلصين دراستكـ..أبوك ونِعـمَ الرجـال عرف يربيـكـ عـدل..لو كنت مكانه يمكن ماسويت نص التربيه إلي سواها لـكـ
حقـاً فكرتُ بكـلام خالي الذي هز وجـداني..لم أفكر يومـاً كذلكـ..جبرنـي على الزواج..من أجلـي..؟!
لـم أعرف ذاك قـط ..بل لـم أفكر به ..ذهـب خالي وذهب الجميـع
ركضــت مسرعـة لأبــي ضممتـه والدموع مجتمـه في عينــاي خفت أن تتنـاثر..لكنهـا دموع فرح
ضممتـه بشدّه وهمســت:أنـــا أحبـك أبـي..
أبــي قالهـا بنبـرة في من الحنان والعطـف الذي فقدتـه:وأنــا أكثـر
جـلّ ماكـان يفعلـه لأجلـي.؟! فهـو يحبنــي..! لأنــــــهُ أبـــي ..
في تلـكـَ اللحظـه تناثـرث دمعـاتـي على وجنتـاي رغـم احتباسهـا الدائـمُ في عينـاي
أبــي لـم أعرف يومـاُ أنني احبـكـ..وأحتـاج إليـكـَ كـي تنير طريقي
أحتـاج إليــكَ كي تخبرنـي الصـواب من الخـطـأ..
كـي تظمنى وتمسـح دموعـي..حين تنهمــر بغزارة ..
كــي تخبرنــي أنكَـ بجانبــي طـوال الوقــت..تسانُدني،تقـفُ بجانبــي..
أحُبــــــــكَ أبــــــي..