المستكهـ وجرثومة المعده

بسم الله الرحمن الرحيم

المستكة واحدة من المنتجات النباتية المحببة للشرقيين والغربيين في العالم منذ آلاف السنين،
فرائحتها الزكية، طعمها المميز، ربما هما سببا إضافتها الى إعداد أطباق الأطعمة لدى البعض.
لكن الدراسات العلمية اليوم تقول لنا المزيد وتعطينا أكثر في أسباب إقبالنا عليها، فالمعدة وتقرحاتها،
وصحة الفم والأسنان فيه، والقولون واضطراباته، حتى السرطان وآثاره,
كلها مجالات طبية وصحية دخلت المستكة على خط سبل الوقاية وأدوات المعالجة فيها.

وقاية من السرطان
القيمة الطبية الواعدة والجديدة للمستكة هي في الوقاية أو تخفيف أعراض سرطان القولون.
والذي قام به الباحثون من فلوريدا ومن اليونان هو محاولتهم معرفة هل بمقدور المستكة
أن تقضي على خلايا سرطان القولون أم لا؟ وباستخدامهم مستخلص من راتينج المستكة،
وغمر خلايا سرطان القولون في تركيزات متدرجة القوة من مستخلص المستكة،
تبين لهم بفحص المجهر الإلكتروني للخلايا السرطانية أن مواد المستكة قامت
بقتل الخلايا السرطانية وفق ضوابط كمية التركيز ومدة التعرض،
بمعنى أن طول مدة تعرض الخلايا السرطانية للمستكة وزيادة تركيز المستكة
هما ما يرفع من احتمالات قتل الخلايا السرطانية.

وبمزيد من التعمق في البحث تبين أن المستكة عملت على الإخلال بتتابع انقسام الخلايا السرطانية
وأوقفت بالتالي سلسلة التكاثر والانتشار لها. كما أنها عملت على تخلخل التصاق الخلايا السرطانية
بكتلة الأنسجة الرابطة بين الخلايا,والذي في الواقع أحد عوامل حماية تجمع كتلة الخلايا السرطانية،
من ثم يسهل موتها، وتنشيط عملية تحلل محتويات الخلايا السرطانية من مواد ومحتويات النواة.

بعجزهم عن تحديد المادة الفاعلة في المستكة، والسبب أن القليل معروف حتى اليوم من المواد الكيميائية الموجودة فيها.
من جهة أخرى، فإن الفم 2005ويعترف الباحثون في دراستهم المنشورة عام 2والأسنان مجال آخر رحب لأبحاث فوائد المستكة،
فصحة اللثة والأسنان مبنية في جانب كبير منها على سلامة الفم من البكتيريا.
وهي، اي البكتيريا، ما يحتاج دوماً الى غذاء, والسكريات وجبتها المفضلة للتغذية والنمو والنخر في الأسنان واللثة.
ورغم أننا لا نستطيع التخلص من البكتيريا من الفم إلا أننا نستطيع الحد من تكاثرها،
والأهم الحد من نخرها في مكونات الفم الهامة. وبالإضافة الى تفريش الأسنان وتخليلها بالخيط
والغرغرة بالماء أو الماء المالح أو مستحضرات غسول الفم، فإن العلك إحدى الوسائل،
كما هو في المقال الآخر حول كيفية تطييب رائحة الفم في هذا العدد من ملحق الصحة بـ «الشرق الأوسط».

بأن مضغ علك المستكة يقلل من درجة حموضة الفم، وهي ما تحتاجه البكتيريا كي تنخر في الأسنان
وفي اللثة. 2000إلا أن الباحثين من تركيا لهم رأي آخر، إذْ يقولون في بحث سبق نشره عام 2وما أكدته أيضاً أبحاث من اليونان.

كما أن القيمة الصحية الواعدة الأخرى للمستكة تقع في جانب كبير منها على خصائص غامضة
تمتلكها المواد العديدة في مكوناتها للقضاء على بكتيريا المعدة الحلزونية،
وهي من أكبر أسباب قروح المعدة والإثنى عشر وحرقة الفؤاد أو ترجيع محتويات المعدة الى المريء.
والقضاء عليها إحدى الوسائل غير المباشرة في منع الإصابة بأنواع سرطان المعدة.
في مجلة «نيو أنغلند» الأميركية الطبية لباحثين من بريطانيا. ودراسات أخرى من اليونان،
وهي تشير الى دور لمواد المستكة في تنشيط 1998 والدراسات هنا متعددة المصادر،
وأهمها ما نُشر عام 1نمو الخلايا الطبيعية لبطانة المعدة وفي التخلص من البكتيريا الحلزونية،
ليس من المعدة فقط، بل من الفم أيضاً، والذي هو السبب في تكرار الإصابة بها لدى البعض.

المستكة.. أبحاثها العلمية لا تزال في بداياتها > الاستخدامات الضاربة في القدم للمستكة
سجلت في مدونات الطب القديم منذ ثلاثة آلاف عام حينما تعاقب الأطباء على وصفها لتخفيف
أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي وإكساب الفم رائحة عطرة والتخلص من الجراثيم.
وهي تجد في السنوات القليلة الماضية طريقها الى الإثبات العلمي،
لكن الأمر لا يزال يسير على استحياء منذ أن ص. وتوجد عدة دراسات علمية تتحدث عن الآثار الصحية الإيجابية للمستكة،
بعضها من اليونان تحدث عن فاعليتها في مقاومة 1984صدرت أول دراسة علمية معتبرة لباحثين من العراق عام 1.
والبعض 1998البكتيريا والفطريات، وبعضها من بريطانيا، تناول تأثيرها على جرثومة المعدة أو البكتيريا الحلزونية،
وتحديداً على سبعة أنواع منها وفق ما نشرته مجلة «نيو انغلد» الطبية عام 1 قد 1985كالأسبرين،
أي بدور حماية لأنسجة بطانة المعدة. وكانت دراسة قديمة في عام الآخر حول دورها في
تخفيف أعراض قرحة والتهابات المعدة، وتأثر أنسجتها بتناول أنواع من الأدوية من نمو البكتيريا المسببة
لتسويس الأسنان.41.5 %أشارت الى أنها تقلل بنسبة

لكن الدراسات كلها غير حاسمة، ونحتاج الى المزيد منها بالرغم من أنها إيجابية بشكل قوي.
والأهم هو توسيع نطاق البحث. وعلى سبيل المثال، فإن الدراسات التي تناولت بالتعمق عصارات أشجار الصنوبر،
قادتنا الى مواد تستخدم اليوم بشكل ثابت الفائدة علمياً في تقليل نسبة الكوليسترول في الدم وهي مواد ستانول،
الرديف النباتي لمركبات الكوليسترول الحيوانية.

والمستكة تستخلص من شجيرات دائمة الخضرة تنمو في المناطق المُطلة على البحر المتوسط،
وتخرج كعصارة تجف سريعاً عبر شقوق تُصنع في جذوعها. وتعتبر من البهارات ذات الاستخدامات الواسعة
في المأكولات والعلك والأيس كريم (البوظة) وحتى العطور ومستحضرات نظافة البشرة..